❤ قدرة الأنسان العظيمة على التكيّف ❤
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
آخر تدوينه لعام 2019، هذي المرة عن تجربة نفسية، شخصية و إن شاء الله تكون أحد أهداف 2020.
أكتب لكم عن إحساس و شعور تجارب عشتها خلال ٣ سنوات و أثرها عظيم و قدرت أعرف نفسي أكثر.
بكتب عن قدرة الإنسان العظيمة على التكيف مع الظروف المحيطة، التغيرات المستمرة في الحياة.
[ألتقطت الصورة في عام 2018 من أعلى ناطحة سحاب في مدينة القولد كوست الأسترالية]
الإنسان يمتلك قدرة فضيعه على تسخير الظروف في الأوقات الصعبه، في الأوقات اللي تكون خارج نطاق قدرتنا في التحكم فيها و ما هو بيدنا.
قوة كامنة نقدر نوظفها عشان نحدث تغيير في حياتنا، حتى و إن كان بسيط فهو بالتأكيد سيشكل فارق.
بداخلنا قدرة كبيرة، قدرة النجاة الـ Surviving. طيب أيش هذي القدرة؟ متى تطلع و ليه مكبوته؟
قديم الزمان، الإنسان في الغابات و الصحاري ما كان عنده وسائل حياة ميسره و سهله، لذا كان لازم يبحث، يحاول بالموجود أن يخلق مواد تخليه يعيش و يستمر على هذي الدنيا. كان عقل الإنسان الأول شغال ٢٤/٧ عشان ينجو في هذي الحياة.
سواء بالبحث عن الطعام، توفير مسكن، سبل راحة، سبل حماية، سبل للشرب و النار و غيره. كانت قدراتهم للنجاة حاضره على طول لأنهم (بحاجتها). كانت عندهم قدرة التكيف أيش ما كانت ظروف حياتهم.
مع التطور في الحياة و التغييرات الكبيرة صارت وسائل الحياة المريحة متوفره لأغلب الناس و بدأت تتلاشى الفكرة اللي بعقولنا أن لازم نكون في مرحلة تفكير مستمر عشان ننجو و نعيش هذي الحياة، بدت تضعف قدراتنا للتكيف وسط الظروف الصعبة. لأن ما صرنا نتحمل غياب وسائل الحياة اللي تريحنا وتبعد عنا العناء. هذي الطاقه الآن هي مكبوته عند نسبة كبيرة من الناس و أنا كنت منهم.
في ٢٠١٧ تغير هذا الشيء عندي لما انتقلت إلى ملبورن للدراسة و أضطريت أسكن في أستوديو لمدة ٦ أشهر، هذا الأستوديو كان يفتقر لأشياء كثيره أساسيه لكن كنت مضطرة أوافق لموقعه الممتاز، توفر الخدمات الثانية و سعره الزهيد.
في هذي الست شهور اللي قضيتها في الأستوديو تعلمت أني أتكيف على حسب الظروف المحيطة فيني.
صح غابت بعض وسائل الراحة لكن -الحمد لله- قدرت أكتشف أني أقدر أسوي أشياء كثيره بنفسي، أبحث عن بدائل لأساسيات ما أقدر أوفرها.
طيب أيش السبب اللي صار وخلاني أفكر بنفس طريقة الإنسان الأول وهو البحث عن وسائل تخليني أعيش يومي؟
ببساطة لغياب أهم عامل وهو عامل الحماية الـProtective factor. أحد العوامل هو: وجود والدي وحمايتهم المستمرة لي وتوفير كل شيء أحتاجه.
أيضا خروجي من منطقة الراحة و دخلت منطقة جديده علي، ما كانت تلائمني بالدرجة الأولى ولا توقعتها.
وجود عوامل الحماية يمنعنا أن نسوي أشياء كثيره في الحياه لأن ما دخلنا في منطقة مختلفه عن منطقة الراحه وهي منطقة تحدي ذاتنا و إستخراج قدراتنا للنجاة اللي هي مزروعه فينا لكن محتاجين الوقت المناسب حتى نطلعها.
لما تخرج هذي الطاقه المكبوته، يصير الإنسان يبتكر وسائل و سبل مريحه أكثر من السابق و تقوم بنفس المهمه ويمكن بفعالية أكثر. عقل الإنسان مركب بطريقه عظيمة جداً، مجرد التأمل في الأشياء البسيطة اللي نقوم فيها ونتدبر تصرفاتنا نكتشف قوه رائعه جداً.
لنفترض: (إنتقلت من منزل كبير إلى منزل أصغر، من حي رائع إلي حي نوعا ما سيء ومن مدرسة مميزه إلى مدرسه نوعا ما جيده و مكتظه، إنتقلت من مدينتك الحديثة و المتطورة إلى مدينه يعيش أهلها بنظام قديم لا يمت للحداثه بصله.)
أنت هنا وضعت نفسك في تحدي وهو الإبتعاد عن العوامل اللي سببت لك الحماية العقلية و النفسيه، تواجه شيء جديد
و قدامك طريقين:
١- تسلك طريق السلبية. تتذمر و تشكو كثيراً، تبحث عن وسائل تعيدك لمنطقة الراحة وإلى عالمك القديم.
٢- تنظر إلى التحدي الذي أمامك و تبدأ بتغيير عقليتك و نفسيتك بما يلائم المكان و الظروف المحيطة بك لتتأقلم و تصبح أكثر سعادة.
علمياً، الإنسان لديه قدره على التكيف أسرع من بقية المخلوقات على هذا الكوكب.
لدى أجسامنا تركيبات كيميائيه تخرج مباشرة حينما نستدعيها للتكيف و التأقلم بالتالي تعطينا محفزات و طاقه بما يناسب وضعنا الجديد. وهذا ممكن نستشعره مع تغيير المناخ كمثال; (بعض الحيوانات و النباتات لا تنمو ولا تستطيع العيش في مناخ غير ملائم لها لكن الإنسان لديه القدرة العظيمة اللي يستعملها حتى يقدر يعيش وفق لأي تغيير مناخي و في أي بقعه من العالم.)
كل هذا يحتاج تغيير عقلياتنا و نفسياتنا و استدعاء قدراتنا المكبوتة حتى نقدر نتكيف وفق الظروف الجديدة اللي صرنا فيها.
[ألتقطت الصوره في عام ٢٠١٨ في مدينة قولد كوست الأسترالية]
عشان الإنسان يتكيف بشكل كويس و يتغير تبعاً للظروف المحيطة فهو يحتاج أهم ثلاث عوامل:
- التغيير العقلي: كأن تتغير طريقة تفكيرنا و توقعاتنا تجاه الأشياء.
- التغيير النفسي: يصير فيه تحدي كبير لمشاعرنا، للقلق اللي يصاحبنا، الخسارة و الفوز، الحزن و الفرح.
- التغيير الجسدي وهذا يصير بشكل لاشعوري تبعاً للمواقف الجديدة اللي ننحط فيها.
كل هذي الثلاث عوامل، تغيير عقلياتنا و نفسياتنا يساهم بتغييرنا من داخل، يساهم بخلق أنسان جديد فينا نكون مبهورين بقدراته.
كثير تصادفنا مواقف ولما نعديها نقول (أنا ما توقعت أني ممكن أسوي كذا أو أتصرف كذا أو حتى أفكر بطريقه معينه) كل هذا لأن حنا جهزنا أنفسنا و مستعدين للتكيف طبقاً للظروف المحيطة لكن ما كنا مستحضرين هذي النعمه من قبل.
طيب لنفترض أني غيرت طريقة تفكيري، نفسيتي و غيرت نفسي جسدياً و حسيت أني جاهزه للظروف الجديدة لكن لما جاء الواقع فشلت. أيش السبب؟
أعتقد أن نحتاج نخلق لنا عالم جديد عبر تسليح أنفسنا بكل الأسلحة الممكنة اللي تعطينا القوه وتدفعنا للإنجاز و لأن نبهر أنفسنا بمجرد أن نكون خارج الـcomfert zone.
نكون مطلعين أكثر، نبحث أكثر، تختلط بناس مروا بظروف حياتيه غريبه و مختلفه وتستفيد من تجربتهم
مهما كان الإختلاف كبير إلا أننا بنستفيد و بنتعلم و بننمي أحد جوانب شخصيتنا و نستحضر القوة الكامنة اللي نمتلكها.
لا نقول أنا مابي أعلم أحد باللي أمر فيه أو أتكلم مع صديق عن شيء شخصي، الإنغلاق ما يكسبنا إلا تضييق لمداركنا و كبح لقدرات عظيمة أحنا نملكها.
الأشخاص اللي عانوا أكثر في حياتهم في الصغر، ما توفرت لهم كل سبل الحماية و الراحة في الحياة، عندهم قدرات إبداعية أكثر لأنهم لسنوات كانوا يستغلون قدرة الـ Surviving كانوا محتاجين كل شيء ممكن عشان ينجون في هذي الحياة الصعبة
لذا أنا جداً أستمتع أجلس مع شخص عانى في السابق أو مر بظروف أصعب مني لأن فائدتي منه أكبر بكثير. هو مر بتجارب كثيرة، صقلت شخصيته أكثر وخلته يعرف نفسه و قدراته أكثر،
لسنوات، عائلتي كانت الـ Protective factor الكبير في حياتي، بدأت حياتي العملية في ٢٠١٥ و أنا ما كنت متحضره مسبقاً و ما كنت مستعده لأن أخرج من منطقة الراحه و أتحدى نفسي، لحد منتصف ٢٠١٦ طلعوني من منطقة الراحة و أنتقلت لمدينة أخرى للعمل
بدأت أستوعب الأشياء بعمر أكبر وهذا شيء جيد لأن تصرفاتي بتكون مبنية على نضج لكن هل كانت كافيه لأن أخوض تجارب الحياة كلها و أقدر أتكيف مع كل شيء جديد و صعب من حولي؟ مازلت أكتشف نفسي للآن.
هذي الأفكار العشوائية جاتني بعد ما شفت فيديو للرائعين الثلاثة في Yes Theory. شفت الفيديو زمان لكن مريت بتجربه من كم يوم و استحضرني كلام Wim Hof:
(it is a wakening, and in this awakening we show the world that we have so much power already here(in our bodies) and now it needs just a couple of steps to discover)
(you are the owner of your own brain, there is no fear or anxiety)
كيف نقدر نتحكم بعقلنا و بطريقة تفكيرنا حتى نقدر نسوي المستحيل و اللي ضنيناه غير ممكن؟
أعتقد كل اللي حنا نحتاجه هو أن نقحم أنفسنا في ظروف مختلفه ونخرج عن منطقة الراحه ونبعد بعض عوامل الحماية حتى نقدر نكتشف طاقتنا الكامنة.
أعتذر عن الكلام العشوائي أو الغير مرتب. تدوينه وليدة اللحظة.
أتمنى أن سنة ٢٠١٩ كانت رائعة لكم، كنتوا بصحة جيدة و متعافيين جسدياً و ذهنياً.
مع تمنياتي لكم بسنة قادمة كلها خير عليكم بأذن الله.
تدوينة سابقه ممكن تساعدكم تستفتحون فيها عام ٢٠٢٠
حبيت التدوينة،
ردحذفحبيت انها تناولت موضوع له جانب معنوي كبير.
موضوع التكيف من أكثر الامور اللي بالي هالفترة.
ضرورته! حجمه! طريقته!
فكرة التضحية ما بين قبول التحدي و إنجاح الوضع بظروفه الصعبة!
أو البحث عن خيار اخر يوفر لي وسائل الراحة من جديد،
واقعاً انا أفكر! هل في ظل وجود خيار اخر افضل هناك حاجة للتكيف!
الجواب ممكن تكون في مقارنة التكلفة المادية والمعنوية للأمرين و احدد اذا كنت احتاج اتكيف او اسوي switch للحل الأفضل.
شكراً لكِ ندى على المشاركة، فعلاً، لو توفرت كل الخيارات المريحه البديله، كيف راح يكون تعاملنا مع المواقف و الظروف الحياتيه؟ الموضوع عميق و يحتاج الواحد يفكر داخلياً ويعرف نفسه أكثر.
حذفشكراً لكِ