تجربة العمل الأولى| إستقاله بعد عشرة أيام !!!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تخرجت بشهادة التمريض في منتصف عام ٢٠١٥، بعد مايقارب ثلاثة أشهر في المنزل بلا عمل،
قمت بالتقديم على أحد المراكز الصحية الصغيرة في مدينة الدمام.
مركز طبي لعمليات اليوم الواحد، المركز الصغير يضم أربع عيادات فقط و قسم طورائ لابأس به.
قبل أيام من التوظيف، كُنت قد أرسلت سيرتي الذاتيه المتواضعه عبر الE-mail،حيت كنت شبه متأكده بأني سأتلقى إتصالاً للمقابله الشخصية.
لأسباب عديده: المركز جديد لم يكمل عامه الأول منذ الأفتتاح فحتما ً يبحثون عن كوادر، و لأنعدام الكوادر السعودية لذا توقعت المقابله لا القبول.
أتذكر تلك اللحظة التي تلقيت فيها إتصال من إدارة المركز يخبروني بالحضور للمقابله الشخصيه،لا أخفيكم بأني كنت أحلق في السماء من السعاده.
تحضرت سريعا ً و ذهبت للمقابله حيث سارت على نحو جيد بالرغم من توتري الشديد و الملحوظ، لكونها تجربتي الأولى في المقابلات الوظيفية.
بعد يومان تلقيت إتصال يخبروني بتوقيع العقد، حيث العرض الوظيفي كان: راتب قدره ٣٠٠٠ ريال فقط.
بداوم ٦ أيام في الأسبوع و على فترتين صباحيه ومسائيه.
وافقت على الفور، سأغتنم فرصة العمل الأولى ولغبائي . فلو تقدم لي هذا العرض الوظيفي الآن فسأمزقه في الحال.
لأن في الواقع لن أستلم ٣٠٠٠ بل ٢٥٠٠ للأستقطاع للتأمينات و ساند.
بالإضافة إلى المواصلات التي كلفتني ٣٠٠ ريال لكون المركز قريب من بيتي مما يعني صافي الراتب في نهاية الشهر ٢٢٠٠ ريال فقط.
بالإضافة إلى أحد بنود العقد - عدم التقدم بطلب تأمين صحي إلا بعد عام من العمل لدى المنشئه -
باشرت بالفعل في اليوم التالي، أستقبلتني مسؤولتي المصريه و وجهتني إلى عيادتي التي سأعمل بها و سيكون زميلي من الجنسية الفلبينيه هو المدرب لي خلال الثلاثة أشهر الأولى.
عملت في عيادة أمراض القلب مع طبيب مصري مزاجي إلى أبعد حد و يعتبر الممرضه لاشيء.
بالنسبة لي التعامل مع المزاجية أمر طبيعي و يمكنني السيطرة على الوضع بعد التعرف على الطبيب بشكل أفضل
أما الدونيه و النظر لبقية زملاء العمل بنظرة أقل فهو شيئ لا يحتمل.
لكن وضعت برأسي فكرة أنني مبتدئه لذا لايجب علي التدقيق على كل شيئ.
بعد الفحص الأولي للمريض في غرفة التمريض، أتوجه إلى العيادة. ولاينتهي عملي بخروج المريض،
بل يطلب مني أحيانا ً مرافقة مرضى الVIP إلى الصيدلية لصرف الدواء، و القيام بالفحوصات المخبريه إن كانت مطلوبه.
و لكون العيادة خاصة فكان مطلوب مني مرافقة جميع المرضى إلى الأستقبال للتأكد من دفع المبلغ المستحق.
( لن تجدوا عيادة خاصه في المملكة تقوم بهذا الفعل بتاتا ً، لن تجد ممرضه في الصيدلية مع الVIP ولا في الأستقبال لضمان دفع المبلغ المطلوب )
لكن كنت أتجاهل كل هذه الأمور، معتقده بأنها مجرد إختبار لقدراتي.
بعد أسبوع تم تحويلي للعمل مع مدير العيادات مع طبيب سعودي إستشاري أمراض قلب و ذلك للتقييم ومعرفة قدراتي.
تحويلي للعمل بجانبه كانت الطامه الكبرى و هو ماعجل في تقديم الأستقاله بشكل فوري و رفض أي مشاورات.
قد يتنازل الموظف المبتدئ عن بعض الأمتيازات لكونه يفتقر الخبره، و هذا بالفعل ماحصل معي.
أيضاً تفهم بأن العمل في المنشأت الصغيره لن تعود علي بالفوائد الكثيرة و السريعة كما العمل في المنشأت الكبيرة
و صعوبة الحصول علي عمل في الوقت الراهن. بالإضافة إلا أني لن أجد مكان وظيفي مريح ١٠٠٪ أو مفصلا ً كما أريد
لذا كان علي التهاون و الرضا بكل شيء لحين الأنتهاء من الفترة التدريبية و إثبات وجودي.
خلال فترة عملي ذهبت للتقديم في إحدى أضخم المستشفيات الخاصه في المملكة.
لم تكن رغبتي هي الإستقاله لكن إن كان هُناك مجال وظيفي أفضل فلابأس به .
فالعمل مع مدير العيادات، أكتشفت بأني أقل من لاشيء التي كنت أشعر بها مع زميله المصري.
بل في بعض الأحيان ينعتني بالغبيه و البلهاء لكوني لم أأدي الأعمال الورقيه و المكتبيه بالشكل المطلوب
متناسيا ً بأني في مرحلة تدريب، أحتاج لوقت أطول من غيري لإنجاز المطلوب و لربما تحصل هُناك أخطاء لذلك وجد مدرب معي.
لم يكتفي بذلك بل يستمر في الإحراجات أمام المرضي، كأن يخبرني إن كان الدواء الذي يريد وصفه للمريض متوفر في الصيدلية الخارجية
ما أن أخبره بأني سأتصل على المسؤول في الصيدليه حتى ينفجر غضبا ً أمام المريض
ويخبرني كم أنا بلهاء و بأنه يريد شخصاً يعلم كل شيئ فأنا لا أصلح.
لكم أن تتخيلون بأني في بداية أسبوعي الثاني في العمل و مدير المركز يتعامل مع موظفيه بهذا الشكل المهين
أي فكره حسنه و إنطباع جيد عن بيئة العمل التي سأكتسبها، و أي رغبه في الصباح تتملكني للنهوض للعمل؟!
في صباح اليوم الثالث لم أذهب إلى عيادتي بل إلى الHR لتقديم الإستقاله
كان سبب الإستقاله ( أبحث عن عمل في مستشفى أكبر بقسم تنويم للمرضى، حتى يمكنني ممارسة عملي بشكل أكبر و إكتساب الخبرة )
لم يبدون مستغربين فهم يعلمون الأسباب سلفا ً و لكوني الممرضه السعودية الثالثه التي لم تحتمل البقاء.
حاول المسؤول بأن ألغي الأستقاله و أتمم شهرا ً على أقل تقدير لكن كنت مصره.
أنهيت الإجراءات و بالفعل تمت توقيع الإستقاله في نفس اليوم و إنهاء خدماتي.
ذهبت في اليوم التالي لإستلام مرتبي خلال عشرة أيام لأقابل بالرفض من قبل مدير العيادات ليرتفع صوتي
حيث هدد بطردي خارجا ً.
ذهبت إلى المسؤول في شؤون الموظفين و أخبرته إن لم يتم دفع ما أستحقه فستكون هناك شكوى رسميه في مكتب العمل
وسرعان ماحولني إلى مدير الخزنه لأستلم ٧٠٠ ريال، نعم كل هذه المشاحنات على ٧٠٠ ريال فقط.
لم تنته المشكله هنا مع المركز بل فوجئت بأنهم لم يزيلوا أسمي من التأمينات الإجتماعيه لمدة أسبوعين من إستقالي
ولمدة أسبوع و أنا في مشاحنات مستمره لأن هذا العمل يعد إحتيال و أكل حقي الشخصي.
بعد ثلاثة أسابيع تلقيت إتصال من مستشفى آخر للحضور للمقابله الشخصية.
و من هُناك كانت رحلتي في أجمل سنه عملت بها في مجال التمريض في منشئه خاصة برغم الظروف المالية السيئة.
مشاكل العمل في المنشئات الصغيره في المجال الصحي بالتحديد:
- خسارة بعض المهارات
- فقدان المعلومات التي يفترض علينا أن تكون حاضره في كل حين، حيث نفقدها مع مرور الوقت.
- غياب المهنية بل إنعدامها. مركز صغير لايحمل الكثير من القوانين و الأنظمة.
فالكادر التمريضي مع الأطباء عددهم ١٠ لذا القوانين شفهيه و الألتزامات تجاه الآخرين تكون شبه معدومة.
- غياب الرقابه من قبل وزارتي الصحة و الخدمة المدنية.
- عدم التقيد بأنظمة مكتب العمل في توظيف السعوديين.
لكن العمل في هذا المركز أضاف لي كثيرا ً. و كأي تجربة عمل حتى إن كانت لأسبوع ففوائدها تتلخص في:
- تعلمت الصبر، التغافل، التعامل مع أشخاص من جنسيات مختلفه و طباع مختلفه.
- القدره على السيطرة على ردود أفعالي لكن عدم السكوت عن حقي.
- النظرة الأولى عن المرضى لكوني فقيرة تجارب لذا من ناحية التعامل مع المرضى هذه الفترة كانت غنيه جدا ً .
- القدرة على الموازنه و تقييم الأمور و الفرص المستقبليه.
- فرصة العمل مع زملاء من جنسيات مختلفه و الإطلاع على أساليب مختلفه و وجهات نظر مغايره.
هذا ختام تجربتي الأولى في العمل، في الحقيقه لا أحب ذكرها كشيء جيد في مسيرتي العمليه
لكن الآن أجد أنه من الرائع إني خضت هذه التجربه لكونها المفتاح لشيئ أجمل.
سأحكيكم في مقاله أخرى عن تجربة العمل الأخرى لمدة عام في مكان قريب من قلبي.
شكرا ً لقرائتكم و طبتكم بكل خير.
تعليقات
إرسال تعليق